في مستهل الحديث عن تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، برزت إمكانية دمج هذه التقنيات في إنتاج عبارات ذات نظام وترتيب دون محتوى هادف.. سرعان ما شعر العديد من الكتاب بسهولة ذلك الأمر، وأن الوقت قد سنح لظهور موهبتهم الكتابية وذيوعها أمام الجمهور. ولكن، مصداقًا لمقولة "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"، غالبًا ما تُخفي هذه البرامج حقيقة لا مراء فيها. وهي وبما بما لا يدع مجالًا للريبة أن الاعتماد على تلك البرامج لا يجب أن يكون اعتمادًا كليًا دون الرجوع في نهاية المطاف إلى متخصص في اللغة العربية ليشرف على صياغة العبارات والجمل بأسلوب بشري ليس من إنتاج آلة.
ويمكن حصر أهم الأسباب التي تُرجح عدم الاعتماد الكلي على برامج الذكاء الاصطناعي في الكتابة فيما يلي:
1. اعتماد تلك البرامج في مسألة التدقيق اللغوي للمقالات والروايات على القواعد البسيطة، بينما اللغة العربية غنية بالاستثناءات والتراكيب في الجمل والتنوع في الأساليب الخبرية والإنشائية، مما يصعب على تلك البرامج من استيعابها.
2. أثناء أي عملية تدقيق لغوي للمقالات والروايات من خلال تلك البرامج، فإن قاعدة البيانات التي تأسس عليها مثل تلك البرامج مبنية على اكتشاف الأخطاء البسيطة كتصريف الأفعال وحروف الجر، مهملة في ذلك الأخطاء الأكثر تعقيدًا التي توافق عليها علماء اللغة في المجامع العربية، ومن ثم تقترح إصلاحات غير مناسبة.
3. يجري اكتشاف الأخطاء في برنامج التدقيق اللغوي للمقالات والروايات على الكشف عن الكلمات والجمل بشكل منفرد دون التطرق إلى السياق الذي تندرج منه في محاولة لفهم طبيعة الجملة والمقصد العام.
4. أما في مراحل متقدمة من البرامج التي تهتم بالتدقيق اللغوي للمقالات والروايات، تؤدي إلى تصحيح كلمات تبدو من الناحية اللغوية صحيحة، لكنها غير متماشية مع السياق العام، فتظهر جلية للقارئ معيبة من الناحية العلمية.
5. إن نجحت برامج الذكاء الاصطناعي في مرحلة التدقيق اللغوي للمقالات والروايات، لكنها تفشل في تناسق وإبداع عبارات النص السياقية والبلاغية، بل هي عقيم في إنتاج جمل بها محسنات بديعية وجمل مكتملة الأركان.
6. من أعظم الأسباب التي تجنبك الاعتماد على برامج الذكاء الاصطناعي هي محدودية وظائفها وظهور برامج أخرى تمكن المشرفين من الكشف عن التلاعب في النصوص، حيث أن العبارات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي من خصائصها كثافة الكلمات، والمبالغة في ترتيب أقسام الفعل والفاعل والإكثار من استخدام عبارات ركيكة، مما يسهل اكتشاف التغييرات التي أجراها عليها المستخدم.
لذا، في الوقت الحالي، لا تعتبر برامج الذكاء الاصطناعي الموجودة في أي موقع يدقق الروايات والمقالات مجدية في عملية اكتشاف أخطاء سياقية مع التصحيح للأسباب المذكورة أعلاه، ويفضل الاعتماد على مدققي اللغة العربية في التدقيق اللغوي للمقالات والروايات، مع استخدام برامج الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة.